محاربة الفساد لا تتعدى الخطابات في العالم العربي
مؤسسات المجتمع المدني في العالم العربي تنهض بدور متزايد في تعزيز الشفافية رغم التقييدات الحكومية     
http://www.middle-east-online.com/uae/?id=55599.
2007-12-10
(Article en PDF)

عمان - اظهر كتاب صدر حديثا عن مؤسسة الارشيف العربي ان المجتمع المدني العربي قد ساهم الى حد كبير في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد ووضع مكافحة الفساد في العالم العربي على الاجندات الوطنية والعربية والعالمية رغم المعيقات القانونية والمضايقات.
وبالرغم من الحملات والهجمات التي تشنها الحكومات العربية الى جانب المعارضة ضد المنظمات الحقوقية الحديثة الا ان الاخيرة آخذة بالازدياد.
ورغم مشكلاتها الادارية والمالية، الا انها اصبحت تلبي احتياجات لشرائح من المجتمع كانت غائبة ومغيبة عن صنع القرار وعن المشاركة في رسم السياسات او حتى في الانشطة المجتمعية.
ويغطي كتاب "ضد الفساد- دور المجتمع المدني في تعزيز الشفافية" المنطقة العربية ويأخذ الاردن والامارات والمغرب كحالات ممثلة لمناطق المشرق والخليج والمغرب. ويتناول الكتاب وضع منظمات المجتمع المدني في الاردن ومساهمتها في تعزيز الشفافية بالاضافة الى علاقتها مع السلطات التشريعية والتنفيذية.
في الاردن، عندما تعلق الامر بالكشف عن سرقة اموال كبيرة، كانت الحكومة هي التي سبقت الى اعلان الفضيحة والاصرار على معاقبة مرتكبي الجرائم.
في خلال ست سنوات (2001-2007) تم الكشف من قبل السلطة التنفيذية عن ما يقارب من مليار دولار من الاموال المختلسة، ووصل الرقم الى ملياري دولار في قضايا فساد كشفتها الحكومة خلال 15 سنة وهو رقم كبير بالكاد يستطيع الاقتصاد الاردني تحمله.
بينما استطاع المجتمع المدني ومراكز الابحاث بالوصول الى قانون يجرم الواسطة عن طريق الضغط واطلاق النشاطات الهادفة الى نشر الوعي بأهمية هذه القوانين والتشريعات.
وبينما اخذت بعض البلدان العربية خطوات حقيقية في ادماج المجتمع المدني في عملية الاصلاح والتطوير، الا انها ما زالت بعيدة كل البعد عما يحصل من حولها. فالبلدان العربية في اسفل قائمة الشفافية ويعتبر الفساد فيها من أعلى النسب في العالم.
من حيث العقبات، تتصدر التشريعات العربية قائمة البلدان الاكثر تقييدا لنشاطات وتطور المجتمع المدني سواء من ناحية تقييد مبادرات الأفراد وفرض سلطة الأجهزة الحكومية او من حيث اشتراط الترخيص او من حيث رقابة جهة الإدارة على الجمعية أو حل الجمعية ذاتها أو وقف نشاطها.
وتنص جميع الدساتير العربية على حق تكوين الجمعيات والحق في المشاركة والاجتماع السلمي لاهداف مشروعة، لكنها في نفس الوقت تحيل تنظيم ممارسة هذا الحق الى التشريعات العادية.
وتأتي القوانين العربية في مجملها لتحرم المواطنين من هذا الحق وتقيده بعدد من المواد والاجراءات والتعليمات، وتمنع معظم التشريعات العربية فيما عدا لبنان واليمن الجمعية ممارسة نشاطها قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية.
وتحظر أغلب القوانين العربية على الجمعيات الوطنية قبول التبرعات سواء من الداخل أو الخارج إلا بموافقة الجهة الإدارية. وتعطي العديد من التشريعات للحكومة حق الإعتراض على قرارات الجمعية وتجيز لموظفي الجهة الإدارية التفتيش على سجلاتها، كما يجيز القانون في العديد من البلدان للحكومة حل مجلس إدارة الجمعية ووقف نشاطها ومنع الجمعية المنحلة من التصرف في أموالها وإن جعلت بعض البلدان من هذه الإجراءات محلا لمراجعة القضاء.
وما يزال القطاع الخاص العربي بعيدا كل البعد عن ادراك حاجته لدعم جهود المجتمع المدني لمحاربة الفساد. وباعتباره قريبا من الحكومة في اكثر البلدان العربية، يتردد القطاع الخاص كثيرا قبل الاقدام على خطوة من شأنها زعزعة علاقته مع رجال الحكم وبالتالي الحاق الضرر بمصالحه.
وبرغم الاجراءات التشديدية والتشريعات المانعة، الا ان المجتمع المدني العربي يشهد حيوية ملحوظة وتضاعفت اعداد جمعيات ومنظمات المجتمع المدني في العالم العربي في السنوات القليلة الماضية وازدادت اعداد النشطاء في مجال الدفاع عن الحريات والديمقراطية.
وساهمت الكثير من هذه الجمعيات الى حد كبير في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد. بل حتى نستطيع القول انها نجحت في فترة زمنية قصيرة في ابراز اهمية مكافحة الفساد في العالم العربي على الاجندات الوطنية والعربية والعالمية حتى لو ان الكثير منها غير متخصص في موضوع الفساد. ولولا المجتمع المدني لبقيت الكثير من قضايا الفساد طي الكتمان ولازداد عدد الفاسدين اضعافا ربما.
في دول الخليج، وبرغم الانفتاح على العالم بكافة اشكاله ومستوى التعليم الآخذ بالتنامي والضغوطات الكبيرة على المستوى المحلي والاقليمي والدولي، الا ان هناك بطء شديد في ظهور ونمو المجتمعات المدنية في دول الخليج بشكل قانوني.
ومع ان النشطاء باتوا يستعملون الوسائل الحديثة من موبايل وانترنت وساتلايت للترويج لقضاياهم والقيام بنشاطاتهم الا ان السلطات ما زالت متوجسة على ما يبدو من السماح بظهور منظمات غير حكومية تعنى بالشأن السياسي وتقوم بدون تردد بمنع النشاطات وحجب المواقع الالكترونية لنشطاء المجتمع المدني.
وما يزال الحديث عن الفساد في الخليج عموميا، وتتحدث كل دولة عن الفساد المنتشر في كل دول العالم وامكانية محاربته عن طريق المجتمع المدني ما عدا مجتمعها نفسه.
وتغوص المقالات في دول الخليج في نظريات الفساد او ظواهره او كيفية محاربته لكن نادرا ما يتم التطرق الى ظواهره في الدولة نفسها.
ولا توجد دراسات جدية عن ظواهر الفساد في الخليج مما ينعكس بالضرورة على فعاليات المجتمع المدني ان وجدت والتي بالتالي ستكون انشطتها مختصرة على العموميات وليس على تحليل ومعالجة الظواهر.
وبينما نجد ان دول المشرق قد تخطت الى حد ما اللغة الانشائية والعمومية والتحدث عن الغير عندما يتعلق الامر بآفة الفساد او اي من انتهاكات حقوق الانسان، الا ان دول الخليج، فيما عدا الكويت والبحرين وبعض النشطاء الافراد في الدول الاخرى، ما تزال تغرق في الخطاب الانشائي والعموميات مما يعيق مجتمعها من حتى التفكير بإنشاء آليات لمحاربة شيء غير معترف بوجوده.
وتعد المغرب البيت الاول في العالم العربي الذي نشأت به أقدم جمعية مستقلة من جمعيات المجتمع المدني في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.
والمغرب هو ايضا بيت الناشط العربي الوحيد الذي حصل على جائزة منظمة الشفافية الدولية للنزاهة مصطفى أديب (32 عاما في ذلك الوقت) وهو نقيب سابق في الجيش المغربي، استلم جائزته في سبتمبر/ ايلول من العام 2000 لشجاعته بإدلاء انتقادات لبعض رؤسائه واتهامهم بالفساد، الامر الذي اعتبر مخالفة لقواعد الانضباط العسكري التي تمنع العسكريين من الحديث للصحافة إلا بإذن مسبق. وتمت متابعة أديب قضائيا وادين لخمس سنوات لكنه خرج من السجن بعفو ملكي
(هذا خطأ, فمصطفى أديب لم يخرج من السجن بعفو ملكي, بل بعد اتمامه للمدة الحبسية كاملة).
  وهذا الحماس المميز للمجتمع المدني المغربي لا يلقى استجابة كافية او تعاون على نفس المستوى من قبل السلطات التنفيذية.
وعلى الرغم من كل المعوقات القانونية والعملية، تستمر منظمات حقوق الانسان وهيئات المجتمع المدني بالحراك والنقاش والتطور بينما تبقى الحكومة متوجسة من الالتقاء بها او حتى الاعتراف بدورها بالشكل المناسب.
ويشكل جمود السلطة وعدم تفاعلها احباطا لدى الفئات الاكثر حراكا ونشاطا في العالم العربي.
يحتاج المجتمع المدني العربي الكثير من التشجيع والدعم من قبل حكوماته ومؤسساته اذا ما اريد فعلا الارتقاء بعملية التنمية ومحاربة الفساد في هذه المنطقة.
ويشمل الكتاب تحليلا عن الدول العربية التالية: الاردن ومصر وسوريا ولبنان واليمن والسعودية والكويت والبحرين وقطر والامارات والمغرب وتونس والجزائر وفلسطين.
صدر الكتاب من قبل مؤسسة الارشيف العربي ومنتدى الشفافية الاردني بالتعاون مع منظمة "جي تي زد" ووزارة التعاون الاقتصادي والتنمية الالمانية
Acceuil  |  Lettres et Documents  | Contributions et Articles  |  Contact